Saturday, May 07, 2005

..!لَوْن الموتِ

إلى إبراهيم محمد على
مريض الـ "لوكيميا" ذي الأعوامِ الستة عشرة
الذي أسلمَ الروحَ بين يديَّ أثناء نوبتجيةِ الأمس

وماتَ صبيٌ آخر
..ًولم أفعلْ شيئا
...
كان قد مضى يومان
عرفتُ فيهِما الصبيَّ وأمَّه
ورأيتُ من بعيدٍ أغلبَ ذويه
له اخوةٌ صغار
له أبٌ وأعمامٌ وأخوالٌ
له تاريخٌ آخر غير تاريخِه المرضي
له عقلٌ لم يفسدْه المرضُ
له قلبٌ لم تطُلْه قسوةُ الأيامِ
له إرادةٌ صارعَت حتى اللحظاتِ الأخيرة
له مستقبلٌ انتهى قبل أن يبدأً
...
في إبراهيم رأيتُ ألوانَ الحياة
..!!وبالأمسِ رأيتُ فيه لونَ الموت
للموتِ لونٌ لا يمكنُني وصفَه
ولا يمكنُكَ تخيُّلَه
.. لكن عليكَ أن تراه
تكفيكَ مرةٌ واحدةٌ
مرةٌ واحدةٌ فقط
: حاولْ بعدها عبثاً أن تنساه
.."لَونَ الموتِ"
.. لَون انسحاب الروح
لَون هروب الدم
بعد انتحار الفؤاد
توقُّف الأنفاس
..وبرودة الأوصال
...
أنا لا أنعي إبراهيماً
، هو الآن حيٌ في الديار السعيدة
لكن القلبَ مثقوبٌ
و الفكرَ معطوبٌ
فماذا بعد يا اخوة إبراهيم؟
يا باقي سكان العنابر
يا زبائن المقابر
..يا اخوتي.. ماذا بعد؟؟
إن عوزَكم يقضُّ مضجعي
إن ألمكم يُهيِّج مدمعي
أتمنى حقاً لو أصغي لجميعِ شكاياتِكم
لو يتسع قلبي لأضعافِ حكاياتِكم
لو كان بيدي أن أخفِّفَ آلامَكم
لو أني أملكُ أن أستبقيَ أحلامَكم
أو أزيدَ أعماراً لأعمارِكم
..لكن كيف؟
محدودةٌ أنا يا اخوتي
ومحدوديتي فارغة
وحدُه الحي واهبُ الحياةِ
وحده الحي واهب كلّ حياة
ما أنا سوى مرآة
أو أداة
وحده حيّ واهب الحياة
...
عذراً يا اخوتي
أنا مثلُكم
لحمٌ ودم
جوعٌ وهم
أرضي جدباءٌ كأرضِكم
مثلُكم أنا قفرٌ وقفر
وإن زعمت يوماً أني أعرف المياه
فيا ويلتي
يا ويلتي
..!!لو ظنَّ أحد أني النهرُ
...
يا جميعَ اخوتي
أنا لا أعرفُ لماذا أنا؟
بل إني لا أكاد أعرف من أنا؟؟
لكن هأنذا بينكم
وكل ما لي هو لكم
.. إن كنتم تقبلونني قدر جهلي "أختـاً" لكم

8 Comments:

At 11:10 PM, Blogger African Doctor said...

و هل دموعي بعد قراءتي لسطورك بقلدرة على فعل شيء آخر؟
إلا أن من رحم موت كبريائنا أمام الموت
تولد حياةٌ جديدة للناس
و من الخبز المكسور يتجدد العالم
و من قبرٍ فارغٍ تُعلَن قيامة الأموات

 
At 4:05 AM, Anonymous Anonymous said...

" i could never be a doctor " i said one day....
"7 years of loooong studies " that's what i thought was the problem at that point of my life... when i was only 18...
But now, after i read ur last post, i know why i can't be one.

HOW ,during the same day, u can be watching 2 roses one REcelebrating life and the other figthing to the last breath...??
unless u can see in this fact A God saying anna Agra7 wa yadayya ta3seban

I beleive that, even if u feel limited in front of there pain, but Ur lovely smile & ur tender eyes, are a LOVE message from GOD to those peaple
Don't dought how important ur role is , sometimes it is not only to treat peaple... But to be, by a word or a smile , a PURE LOVE message

 
At 6:04 PM, Anonymous Anonymous said...

dear death: when u come to take me wait till i smile to let them know the joy doing that.

 
At 6:08 PM, Anonymous Anonymous said...

"law el mout ragolan la7adantoh"

 
At 7:57 AM, Blogger Mavie said...

قام حقا :)

 
At 3:33 AM, Anonymous Anonymous said...

المتني حقا سطورك ..تدحرج الان في مقلتي دمعتين و في قلبي شجن

 
At 5:43 PM, Anonymous Anonymous said...

حقا ان الين لتدمع وان القلب ليحزن يا ابراهيم فماذا بعد يا اخوة إبراهيم؟

 
At 4:04 AM, Blogger Blank-Socrate said...

حيٌ في الديار السعيدة
اختى اشكرك على هذة الكلمه الجميله
انا ايضا لى ابراهيم هناك
و ياله من ابراهيم
اجمل انسان و افضل من عاملت فى حياتى
قسوة الوجود يؤلمنى
لكن لا املك شىء
اختى شكرا لمشاعرك الجميلهلى
و لكل اخوة ابراهيم

 

Post a Comment

<< Home