زهرة
إلي غريب
،ذات يومٍ كمثلِ باقي الأيام
قُطِفت زهرة
..!!أو كادت
...
...
..لا أعرف كم من الزهورِ تُقطَف كل يومٍ
..مئات؟.. آلاف؟.. ملايين؟؟
،يسعدُ الناس بقطفِ الزهور
وربما أيضاً تسعدُ الزهور؛
، لكني أعني زهرة واحدة
زهرة تهِمُّني بالأكثر
..لأنها كانت لي
زهرتي كانت عندي
،من قبلِ أن أفهمَ أسرارَ الزهور
تنمو معي يوماً فيومٍ
في سرِّية عجيبة
..وبساطة مطلقة
،لم يكن لها جمالٌ أخَّاذ
، لم يكن لها شذا فوَّاح
لكنها كانت لطيفة
..وعبيرها رقيق
أدركت بعد حين أنها يوماً ستُقطَف
،أو تذبل على عودِها وتذوي
..فحلَمتُ أن أهديَها لصديقٍ جميل
لم أعرفْ من أهدي زهرتي
لكني حفِظتُها؛
، وبقيتُ أرعاها قدر فقري
أهتم أيضاً بتهذيبها وتشذيبها
لأنها قبل كل شيء
..كانت لي
،وفي ليلةِ شتاءٍ باردة
..عصفتْ رياحٌ عاتية
رأيت زهرتي ترتجف
ترتعش
ترتعد
وحيدة في قلب الإعصار
راقبتها تميل
انحنت كثيراً قبل الانكسار
وبينما هي تألفُ موتَها
مرَّ بها عابر سبيل
حجبَ عنها بجسدِه أغلبَ الرياح
ثم أشاعَ منه دفءاً مُريحاً غامضاً كالسحر
هو حماها واحتواها
ولم أعرف قبلاً أن لملاكي الحارس جسدا
ذاك الجسد
انتصبَتْ زهرتي
واستقامتْ تشكر المخلِّص
فنظرَ إليها
وأحبها
هو رعاها وافتداها
اخترقَها بالحب
إذ وضعَ ذاته لأجلها
بحثَتْ كثيرأ عن هدية
ولم تجد
لم تجد أبدأً ما يوفي الدين
دينها عميق كعمق البحار
بعيد كعلو السماء
قديم كطول الأزمان
أبداً لم تجد هدية
لكن بقيَ العرفان
وكل امتنان
اقتربَ
فرحَتْ
اقتربَ
فوجِئتْ
مدَّ يدَه
ظننتُه أنا تمناها
كانت له زهرة بديعة
!فهل أراد زهرتي؟
مدَّ يدَه
صرخْتُ في قلبي
ما هو أوانُ زهرتي"
"..ما لزهرتي أن تُقطَف
مدًّ يدَه
فظهرَتْ لزهرتي أشواك
عرفْتُ أنها ستجرحه
أشفقْتُ عليها من هلاك
وأشفقْتُ عليه من الأشواك
مدَّ يدَه
ولمَّا خِفتُ أن يقطِفَها
!!!هممتُ أنا بقطفِها
.....
.....
قدَّمتُها إليه
زهرتي الذبيحة
قدَّمتُها إليه
هديةً
في جسارةٍ
وحبٍ
واستسلامٍ حرٍّ
...
: سأَلني الغريب والمرارةُ تملأَ جوفِه
لمَ فعَلتِ ما فعَلتِ؟؟ "
ما كنت لأؤذيها
تعجبُني زهرتُك
"..!!لكن.. تكفيني زهرتي
...
...
...
...
...
لعنتُ نفسي
ونعيتُها
فهل أقسى من أن أقتلَ أنا زهرتي الوحيدة؟
زهرتي الطيبة البريئة
ها هي تذبلُ أبداً
من دون أن أهديَها لصديقٍ لا أعرفُه
بكيتُها
وبكاها معي الغريب
رجوتُها
ورجاها معي الغريب
ذاك الغريب الحبيب
...
حمَلتُ زهرتي ومشَيت
مضَيتُ إلى بلاد النور
سِرتُ في عوالم الزهور
فوجدتُ الموتَ كالحياةِ
متجدداً
حزنت أنا لـ "موت" زهرتي
وما حزنت هي
كانت لها طمأنينة وفرح
ويقين أمين
:بل أنها ضحكت مني قائلة
،تتكلمين كإحدى الجاهلات
أما.. خُلقت لأعطى؟؟
....
مات الموت في الزمان
فكُتبت لزهرتي الحياة
من أجلها
من أجله
من أجله
من أجلي
ومن أجل باقي الزهور
...
ما عادت تهم زهرتي
ما عادت تهم
غير أني وضعتُها بأرض جديدة
ورويتها بنهر من دموع وصلاة وسرور
....
جاهدت الجهاد الحسن
عاشت زهرتي أخيراً
عاشت
لكن بغير جذور
...
...
واليوم جاء الربيع
فمررت بزهرتي
ودُهِشتُ
فإذا زمنها زمن الحب
وإذا وريقات جديدة قد تفتحت
وإذا ألوان
وإذا أغصان
يا إلهي..
زهرتي الآن بستان
...
ولَّت الأزمان طويلها
فلَّت الأشجان عظيمها
و ما بقي سوى العرفان
وكل امتنان
25/11/2004
0 Comments:
Post a Comment
<< Home