Thursday, August 23, 2007

همس الأرواح

إلي بكيزة وزغلول
في فقد جدّيهما
أهدي بعضاً من مشواري في الشكر والألم
وأصلِّي
...
كان فجراً منيراً بغير شمس
كان السواد رزقاً جديداً لم نعهده
والبياض سراً عميقاً لم نفهمه
...
كان ما كان
ما لم يكن في الحسبان
فإذ الجميع نيام
نامت هي
...
نيام نيام
دخلوا وخرجوا
...
نيام نيام
عشرات بل مئات
من عابسي الوجوه
والمتشحات بالسواد
وشخوص لا أعرفهم
وأحضان وقبلات
ووعظ وصلوات
وبكاء كثير
عليها
وعلينا من دونها
...
نيام نيام
دخلوا وخرجوا
مشكورين
...
نيام نيام
دخلوا وخرجوا
أجمعين
...
نيام نيام
أحببتهم أنا
...
تماسكنا كالجبال وفي القلب بركان
لملمنا ما بقي منا
وعدنا من حيث جئنا
توحَّدنا
وفي تفرقنا اتحدنا
...
قال"الحكماء" قد ذهبت ولن تأتي
ومن الحماقة أن يُنتظر "ما" لا يأتي
...
تركتنا وجُعل واجبنا أن نتركها
ها قد أتمت دورها
وأُسدِل الستار
انتهى المشهد الحزين
والحشد باقٍ في انتظار
أن تُلعَب باقي الأدوار
لتدور العجلة الدوارة
ونسير في دنيا سيَّارة
الناس ترقب في انبهار
أدواراً تُلعب باقتدار
يصفقون
قي جنون
لأب مهووس
ممسوس
اختار رقصة الانتحار
الحب فيه قد اعتمل
فضاعف طول المشوار
...
تهون أم يهون العيش؟
...
عرفت النسيان خيانة
وقالوا حكمة
حسبت النكران خطيئة
وقالوا قدرة
ظننت التجاوز أنانية
قالوا بل سنة الحياة
...
ضحكوا من سذاجتي
ولا أزال أضحك أنا من نضجهم
...
رحلت أمي
وضحكت
ولم يدرِ أحد أني فرحت
قدر ألمي فرحت
قد قبلت شيئاً في قلبي
وقبلت
...
قبلتُ أنا
والقبول مصالحة
والمصالحة اختيار
والاختيار انتصار
...
كان لي آنذاك سرٌّ
سرٌّ كان لها
وصار لي
سر في قلبي
أسعدني مثلما أحزنني
علَّمني كلما حيرني
فكرت أطلعهم عليه
وما عرفت
هل يعنيهم؟
هل يعينهم؟
أم تراه يزيد معاناتهم؟
ترددت في تمييز الأوان
فانتهيت كعادتي إلى الكتمان
قلت يكفيهم ما بهم
لهم كالجميع أسرارهم
...
أما أنا
فأضحت لي نور لا ينطفئ
منذ انطقأ
صار اتصالنا دائماُ
عجيباً
وغير مفهوم
بدأت تزورني في أحلامي
أو تبتسم في طبق طعامي
أذكر مذاق ما كانت تصنع
وأذكرها
أشعر بأنفاسها تلامس بعض جسدي
أسمع صوتها يأتي من غيب سحيق
أشتم عطرها فيما بقي منها
أراهها في كل ركن
باتت تخاطب حواسي
وتشعل ذاكرتي
ظلت تفعل
حتى نضب مخزوني
...
أغلقت صندوق الذكريات
ورحلت معها بين النجمات
صرنا نلتقي كثيراً
ربما أكثر من ذي قبل
لأننا قد تحرّرنا أخيراً
من قيود خفية
طالما كبَّلت قلبينا
وأثقلت
...
أحببت حديثها الجديد
راحت تخبرني عما غاب عني
وانكشف لها
عن أسرار الحياة
والحب
والحق
والخير
وعن أسرار الموت
والخوف
والعجز
واليأس
عن الآلهة
وعن الأرواح المتمردة
عن عزلة وعبودية
وعن قوة وحرية
عن النور الذي فينا
والنار حين تأكلنا
عن الوقت
والنعمة
والشكر
والبركة
عن وجود لا ينتهي
وحضور لا يغيب
...
بيد أني ما خرجت إليها بالأمس
شُغلت عنها
ولم أنتبه للميعاد
فلما أدركت ما فاتني
واستدركت
امتطيت عهدي جواداً
وانطلقت
استحلت الشوق زاداً
وارتحلت
...
هرعت إليها
ولم أجدها
لم أجد حتى آثارها
لاشيء
لاشيء
ولاشيء أقسى على لوعة المشتاق من العدم
حين ينادي
ولا مجيب
حين تعلو الصرخات
وليس من يسمع
عدت أدراجي حزينة
استأنف أعمالي المهينة
والقلق يستبد بي
الهواجس تعصف بعقلي وتلهو
...
لمَ لم تأتِ
هل أصابها مكروه؟
هل مشغولة بغيري؟
هل تعاقبني؟
هل تكف عن لقياني؟
هل............. ماتت في قلبي؟؟؟
...
سمعت همهمات غير واضحة
لم أتبين
ألعله ردٌ غير مفهوم؟؟
انفصلت عنهم
نيام نيام
تركت نفسي معهم
خلوت إلى أحد الأركان
أطبقت عيني
جاهدت حتى فرغت من العالم كله
ما استبقيت شيئاً
ثم ناديتها
وكان نداء
...
ناديت أمي
فجاءت سريعاً ملهوفة
بنفس الرقة المعهودة
همست في أذني سراً جديداً
طبعت على جبيني قبلة شفافة
وارتفعت في مجدٍ
على كوكبة بلورية
وشعاع من عسجد
...
زرفت دمعة وابتسمت
فتحت عيني وقد شبعت
لأجدهم يرقبونني أتمتم
...
أتحلمين في وضح النهار؟؟
...
بل أنا في كامل يقظتي
...
جننت إذاً أم ماذا؟
ألعل عفريتك قد حضر؟
...
جننت؟؟
ربما
لكن عفاريت؟
أعوذ بالله
...
...
...
وأقسم أني أكاد أراها كل يوم

3 Comments:

At 5:07 AM, Blogger Unknown said...

sad but beautiful
so sincere that i can feel it in my heart
be blessed

Fady Wahba

 
At 4:32 PM, Blogger misanthrope repenti said...

Douces paroles et tendresse à fleurs de mots , des rêveries et des larmes , une ambiance romantique s’exhale de vos billets , et des parfums exotiques règnent , vous renchérissez sur Baudelaire dans ces fleurs du mal ,mais le grand maitre vous le pardonne .

 
At 4:32 PM, Blogger misanthrope repenti said...

This comment has been removed by the author.

 

Post a Comment

<< Home